مقترح لشهادة التعليم المتوسط 2021
النص
التكافل الاجتماعي في الإسلام يؤسس بناءً فكريًّا متكاملاً، شامِلاً لمنظومةٍ أخلاقيَّةٍ تُلَبِّي حاجَاتِ الإنسان، وتربط الفرد بالمجتمع بوشائِجَ متينة، تُؤَلِّف بينهم بصِلاتِ تتحقَّقُ بالتَّعاوُن، والمُسانَدَة، والتَّكافُل المشترك، لإخْراجِ جيلٍ قويٍّ، مُتَماسِكٍ بين أعضائِه، و لإخراجِ جيلٍ يتحَمَّلُ المسؤولية المشتركة في الإصلاحِ وإِحْداثِ التَّغيير، وتهذيبِ النفس وتزكِيَتِها، وحِفْظِها، ورِعايَتِها، ووِقايَتِها، وإرشادِها ..
جيلٍ يدرك حقيقةَ التَّكافل في توحيدِه بين المجتمعات الإنسانِيَّة - على اختلافِ أجناسِها، ولُغاتِها، وأَلْوانِها، وثَقافاتِها- بمبادِئِ تحْفَظُ لكُلِّ مجتمعٍ كرامَتَه الإنسانِيَّة، وتحْمِي حُقوقَه، وحُرِّياتِه الخاصَّة، وتحافِظُ على كَيانِه المستقل، وقِيَمِه ومبادِئِه، وأُسُسِ دينِه، وهُوِيَّتِه .وتربط بينهم برباطِ المودَّة والرَّحمة، وتبادُل المنافِعِ المادية وغير المادية
و هذا التَّكافُل بشُمولِيَّة مقاصِدِه هو ما نحتاجه اليوم لِحَلِّ مشاكِلِنا، ولمواجهة تَحَدِّياتِنا المعاصرة، ومكافحة ما يهدِّدنا من المخاطِر،
فالواجب يحتِّم علينا أن نُجَدِّد العلاقة فيما بيننا، ونراعِي مصالحَنا ومصالحَ أجيال المستقبل، ونَصِلُ ما انْقَطَعَ بيننا مِنْ أسْبابِ المَوَدَّةِ والمَحَبَّةِ، ونَجْمَعُ ما تَفَرَّقَ مِنْ شَمْلِنا، فقد فَرَّطْنا في حقوقِنا وقَصَّرْنا في واجِباتِنا، وقَطَعْنا ما بيننا من صِلاتِ الإخاء، وما بيننا مِنْ صِلاتٍ إِنْسانِيَّة، حتى خَلاَ كلٌّ مِنَّا إلى نَفْسِه، وتخلَّى عن مجالسةِ أَهْلِهِ، وأَقْرِبائِه، وجيرانِه، وإخوانِه،
والواجب يحتِّم علينا أن نحيي عاداتٍ حِسان، حرَمَتْنا من متعة المُكاتَبَة، والتَّزاوُر، واللِّقاء المباشر الذي يضمُّنا بضمَّات الشوق، حتَّى صِرْنا لا نلتقي إلاَّ لِقاءَ الغُرَباء، ولا نتواصلُ إلاَّ وصْلاً يشوبُهُ الجَفَاء، فسقَطْنا في هُوَّةٍ سحيقة، لا سبيلَ إلى عبورِها إلاَّ إذا تجاوَزْنا أسبابَ القَطيعة، وَتَعَوَّدْنا أن نتَجَنَّبَ فيما بيننا مِنْ صِلات ما مِنْ شَأْنِه أن يُخْزِينا، وأن ننتقِل بالإنسان من ترابُطٍ يصِلُهُ بنَفْسِهِ وذاتِه، إلى ترابُطٍ مُحْكَمٍ يَصِلُهُ أوَّلاً بأُسْرَتِه بصِلاتِ التَّشارُك في تحمُّل المسؤولية، وفي أداءِ الحَقِّ والواجِب، وتوزيعِ مسؤولِيَّات الرِّعاية داخِلَ البيت وخارجه بين الرَّجُلِ والمرأة، بما يَضْمَنُ قِيامَ أُسْرَةٍ متعاوِنَة متآلِفَة " فالرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"، ويصِلُهُ ثانِياً بمَنْ هو خارِج محيطِ بيتِه وأسرته، بصِلاتِ الالتِزامِ الذي تمتزجُ فيه المَصْلَحَةُ الفردِيَّةُ بالمصْلَحَةِ العامَّة، ويتضامَن الأفرادُ فيما بينهم في حَمْلِ أثْقالِ الحياة، والنُّهوضِ بأعْبائِها، ويَتَحَرَّكون بروحٍ تضامُنِيَّة، تُحَتِّمُ عليهم الالْتِزامَ بالنِّظامِ العام، وحِفْظَ الحُرُمات، وكَفالةَ الحقوق، والحُرِّيَّاتِ المشروعة، وتَجَنُّب ما يسيءُ للآخرين أو يُعَطِّلُ مصالِحَهُم ..
تعليقات
إرسال تعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لأي استفسار يرجى ترك تعليق.